إري نيوز 24 | Eri24news
المقدمة
في 15 فبراير 2025، انتُخب وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، رئيسًا لمفوضية الاتحاد الإفريقي، ليخلف موسى فقي محمد في هذا المنصب المهم. ويأتي هذا التطور في وقت حساس تمر به القارة الإفريقية، حيث تواجه تحديات متزايدة تتعلق بالأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي. بالنسبة لإريتريا، التي لطالما كانت على هامش الاتحاد الإفريقي بسبب مواقفها السياسية ونهجها الدبلوماسي، يفتح هذا التغيير الباب أمام فرص جديدة، لكنه يطرح أيضًا تحديات قد تعيق الاستفادة منه.
إريتريا والاتحاد الإفريقي: علاقة متوترة
لطالما شهدت علاقة إريتريا بالاتحاد الإفريقي توترًا واضحًا، حيث انسحبت أسمرا فعليًا من المنظمة في فترات سابقة، احتجاجًا على مواقف الاتحاد من قضايا النزاعات الإقليمية والعقوبات الدولية. وخلال السنوات الأخيرة، تجنبت الحكومة الإريترية الانخراط في آليات الاتحاد الإفريقي، ما جعلها معزولة سياسيًا عن القرارات والمبادرات القارية. لكن مع انتخاب شخصية من القرن الإفريقي لقيادة المفوضية، قد يكون هناك مجال لإعادة تقييم هذه العلاقة، خاصة إذا ما انتهجت إريتريا سياسة أكثر انفتاحًا تجاه المنظمة.
ما الذي يعنيه انتخاب محمود علي يوسف لإريتريا؟
1) فرصة لتحسين العلاقات مع الاتحاد الإفريقي
رغم التوترات السابقة بين أسمرا وأديس أبابا، فإن وصول دبلوماسي من جيبوتي إلى رئاسة المفوضية قد يسهل إعادة بناء العلاقات بين إريتريا والاتحاد الإفريقي. جيبوتي دولة مجاورة لإريتريا ولديها فهم عميق لتحديات المنطقة، مما قد يسهم في تقريب وجهات النظر وفتح قنوات تواصل جديدة.
2) تعزيز التعاون الإقليمي
تمثل منطقة القرن الإفريقي أحد المحاور الأساسية التي سيهتم بها الاتحاد الإفريقي في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالأمن والتكامل الاقتصادي. جيبوتي تلعب دورًا محوريًا في التجارة الإقليمية، عبر موانئها الاستراتيجية التي تخدم إثيوبيا ودول أخرى. إذا تحسنت العلاقات بين أسمرا وجيبوتي، فقد تستفيد إريتريا من هذه الديناميكية الإقليمية، سواء عبر مبادرات اقتصادية أو مشروعات بنية تحتية تدعم اندماجها في التجارة الإقليمية.
3) دور الاتحاد الإفريقي في الوساطة وحل النزاعات
من بين القضايا العالقة في منطقة القرن الإفريقي، النزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي، إضافة إلى تداعيات الحرب الإثيوبية في تيغراي، والتي أثرت بشكل غير مباشر على الوضع في إريتريا. مع تولي محمود علي يوسف رئاسة المفوضية، قد يصبح للاتحاد الإفريقي دور أكثر نشاطًا في حل هذه النزاعات، مما قد يشكل فرصة لإريتريا للانخراط في حلول سلمية بدعم من الاتحاد.
4) إمكانية الاستفادة من المشاريع الإفريقية
يعمل الاتحاد الإفريقي على مشاريع تنموية كبرى، مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تهدف إلى تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء. إذا قررت إريتريا الانخراط في هذه المشاريع، فقد تستفيد من التمويلات والمبادرات التي يدعمها الاتحاد، مما قد يساعدها في تحسين اقتصادها الذي يعاني من تحديات كبيرة.
التحديات التي قد تواجه إريتريا:
رغم هذه الفرص، لا تزال هناك تحديات قد تعيق استفادة إريتريا من هذا التطور، أبرزها:
1) النهج السياسي المنعزل: لا تزال السياسة الخارجية الإريترية تتسم بالحذر والانعزال، مما قد يحد من قدرة البلاد على الاستفادة من التغيرات في قيادة الاتحاد الإفريقي.
2) العلاقات المتوترة مع جيبوتي: رغم أن محمود علي يوسف يمثل جيبوتي، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيعمل لصالح إريتريا، خاصة مع استمرار الخلافات الحدودية بين البلدين.
3) ضعف الانخراط في الاتحاد الإفريقي: حتى الآن، لم تبدِ إريتريا اهتمامًا كبيرًا بالعمل المؤسسي داخل الاتحاد الإفريقي، مما يجعل أي تقارب مستقبلي بحاجة إلى جهود دبلوماسية حثيثة.
الخاتمة
يشكل انتخاب محمود علي يوسف رئيسًا لمفوضية الاتحاد الإفريقي حدثًا مهمًا لمنطقة القرن الإفريقي، وقد يكون فرصة لإريتريا لإعادة النظر في علاقاتها مع الاتحاد. ومع ذلك، فإن مدى استفادة إريتريا من هذا التطور سيعتمد على خياراتها الدبلوماسية ومدى استعدادها للانخراط في العمل القاري المشترك. إذا انتهجت أسمرا سياسة أكثر مرونة، فقد تجد في هذا التغيير فرصة لتعزيز علاقاتها الإقليمية والاستفادة من المبادرات التنموية التي يدعمها الاتحاد الإفريقي.